الشورى و القيادة.
د. طارق أبو غزالة
كثيرة هي التفسيرات و التحليلات التي تتناول موضوع الشورى من حيث الشكل و المضمون.
وقد تغيرت أشكال الشورى في العالم مع مرور الزمان و تغير المكان فالشورى ليست حكراً على المسلمين وحدهم.
فكلُّ من ولي أمراً من أمور قوم بحاجة إلى المشاورة في كيفية إدارة أمور هؤلاء القوم بغض النظر عن الدين و العرق و اللون.
في الأزمان السالفة كان الملوك و الأباطرة أصحاب القرار ولكن كان لكل منهم مستشارين يدلون بآرائهم إذا حزَب الأمر. و نهضة الأمم هنا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأمرين:
1- حنكة القائد
2- ولاء المستشارين و خبرتهم
والمقام هنا ليس للكلام عن حنكة القائد فأحنك القادة ينهار إذا أحاط نفسه ببطانة السوء. و أنما الكلام عن ولاء المستشارين و خبرتهم ودور ذلك في نهضة الأمم.
هذا الطاقم حول الزعيم هو المتصرف فعلاً في مقدرات العباد و البلاد.
اعتماداً على هذا التقسيم -الولاء و الخبرة- ينقسم هذا الطاقم بحسب قربه و ولائه من الزعيم إلى غير الموال أي ذلك الذي لا يعتبر موالياً للحاكم و الرعية في مقابل من هو موال له وللرعية يفديه
و يفديها بالغالي و الرخيص.
وكذلك بحسب خبرته إلى غير خبير أي ذلك الذي لا يملك خبرة في أمور الحكم في مقابل الخبير
و هو المحنك في مسائل الحكم. فينقسم الملأ حسب ذلك التصنيف إلى أربعة أصناف:
1- غير الموالي غير الخبير
2- غير الموالي الخبير
3- الموالي غير الخبير
4- الموالي الخبير
هذه الأصناف هي التي تتولى أمور الشورى في الأمم.
1-غير الموالي غير الخبير (الحثالة):
هؤلاء كثر في عالم المستشارين في بلادنا وهم إنما يصلون لمنصب المستشار أو "الهامس في أذن القائد" إذا صح التعبير بكثرة الدعاية لأنفسهم والترويج الكاذب لولائهم وكثرة النفخ في القائد
و "تمسيح الجوخ" له. و يُعرف هؤلاء بكثرة الكلام تعويضاً عن نقص الخبرة و بسوء الأخلاق لقلة أمانتهم وتكبّرهم على من هم دونهم وذلّتهم أمام من هم فوقهم.
ويميّز هؤلاء أيضاً قلة تضحيتهم فهم أسرع الناس تبرؤاً من القائد عند هبوب أقلّ ريح. لا تجد مجلساً إلا تصدروه و لا وسيلة إعلامية إلا انتهزوها لينفخوا في القائد و يخادعوا الناس.
وأذى هؤلاء يتعدى إلى الخبراء الموالين من الصنف الرابع للتخلص منهم لأنهم وحدهم القادرون على كشف حقائق الأمور. وتاريخنا مليء بالوشايات المغرضة ضد هذا الصنف من الخبراء الموالين على يد غير الخبراء غير الموالين.
أما نهاية هؤلاء الحثالة فعادة ما تكون إما ثراءً فاحشاً وهرباً بالأموال إلى المنافي أو قبراً معتماً.
2-الخبير غير الموالي (التكنوقراط):
ويوجد هؤلاء أيضاً بكثرة في العالم العربي. ولا تعني عدم الموالاة هنا الغش و الخداع و لكن يعني ذلك عدم التضحية في سبيل الأمة. فالخبرة لديهم رأي يشترى بالمال أو بالمنصب أو مادون ذلك.
فالرأي سلعة لا تباع إلا بثمن و البيع لمن يدفع أكثر ولو كان منافساً للقائد المستشير.
ونفع هؤلاء مساوٍ لضررهم. فقلة الأمانة و الوازع الأخلاقي قد تدفع بهؤلاء إلى إسداء رأي خاطئ عمداً بغية مصالح خاصة ونرى هؤلاء بكثرة في الإدارات الأمريكية وخاصة إدارة الرئيس جورج بوش الابن فكثير من المستشارين خبراء في مجالاتهم ولكن تربطهم مصالح خاصة بأطراف ولوبيات متعددة تتحكم بالرأي الصادر عنهم. والأزمة المالية الخانقة خير مثال على ذلك. فالمتصدر لتلك الأزمة هناك تربطه مصالح خاصة بالبنوك التي أفلس منها حتى الآن أكثر من مائة بنك.
عادة ما ينتهي هؤلاء إلى جدران بيوتهم أو إلى زوايا السجون.
3- الموالون غير الخبراء (العائلة أو المافيا):
وهؤلاء هم قرابة القائد أو رفاق الدرب قبل وصول القائد لسدة الحكم. يصلون إلى المناصب بحكم تلك القرابة وتلك الرفقة. مصيرهم مرتبط بمصير القائد ارتباطاً مباشراً, إذا ذهب ذهبوا و إذا ارتفع ارتفعوا و إذا انخفض انخفضوا.
هؤلاء هم الكثرة الغالبة من المستشارين في العالم العربي و العالم المتخلف سياسياً لثقة القائد بهم و اعتماده عليهم و إنما يعتمد عليهم بغية الحصول على أخبار الرعية دون الحاجة لتفقدها ودون الحاجة إلى الرأي كيف يصلحها.
همّهم الأول استمرار حكم القائد "إلى الأبد" و ذريته من بعده فهم أحرص الناس على "التوريث" لا لمحبتهم بالقائد و أولاده و إنما حرصاً على استمرار تدفق نهر الثروة الجاري المنهوب من أقوات الجياع وعرق المستضعفين.
هم أظلم الناس للناس لتجذّر مكانتهم فالقائد لا يستطيع مسّهم لأن في مسّهم مس لذاته التي لا تمس.
مصيرهم كمصير القائد إما التوريث وإما المحاكمة المفضية إلى القبر أو السجن.
هذه الفئة تتحكم الآن بمقدرات الأمة وتمتلك ثروة طائلة و إعلاماً جارفاً وتتحكم بأقوات الناس
و مستقبل أبنائهم وقد تمددت هذه الفئة فأصبحت كالغيمة الكبيرة تخيم على الجميع رعدها يخيفهم و صواعق برقها تطال كل صوت معارض مهما كان خافتاً. غيمة لا تقي من شمس ولا تمطر مطراً نفعها عديم و شرها عميم.
ومع الزمن و بسبب غياب المستشارين من الصنف الرابع يكتسب المستشارون من المافيا الخبرة ثم تضخم تلك الخبرة و تنفى عمّن سواهم فتقنع الأمة بالترغيب قليلاً و بالترهيب معظم الوقت أن لا بديل عن الوريث المنتظر.
وينضم إلى الوريث هنا ورثة المافيا و المستشارون من الصنف الأول (الحثالة) و من الصنف الثاني التكنوقراط للنهوض بأعباء الأمة و الخروج بها من النفق المظلم إلى عصور التنوير ومحاسبة المقصرين و الأخذ عليهم بيد من حديد. ولا أحد يجرؤ على السؤال: ولكن من زج بنا في هذا النفق المظلم؟
فطبول الإعلام أقوى من أي صوت و لا صوت يعلو على صوت "الوريث" وتجرد الأمة من حقها في الاطلاع على أي برنامج انتخابي لأي فرد منها. أما من يتجرؤ و ويقول كما قال يوسف للملك "اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم" فيعاد إلى السجن. ولنتخيل مصر زمن يوسف دون يوسف! بل لا نتخيل فالأمر لا يحتاج إلى تخيل. كل ما يحتاج هو أن ننظر من حولنا!
وليس القصد هنا الإيحاء أن الأمر يحتاج إلى نبي للخروج من النفق. لا, فزمن الأنبياء انتهى ولكن القصد هو التنبيه أن الخروج من النفق المظلم يحتاج إلى الأمناء من الصنف الرابع.
ولعل المثال المعاصر لنا هو النموذج التركي. والحمد لله أننا لم نسمع إلى الآن عن وريث رجب طيب أردوغان أو عبد الله غل.
4-الخبراء الموالون (الأمناء):
وهؤلاء قلة في العالم العربي و لكن ليسوا بالندرة. وإنما ندرتهم في ندرة وصولهم لأذن القائد لأن الأصناف الثلاث الأولى تعمل جاهدة على إقصائهم من كل مكان. و للحقيقة فحضارة الأمم هي نتاج العلاقة بين هؤلاء الأصناف الثلاثة الأولى مع هذا الصنف الرابع. فإذا تغلب هذا الصنف الرابع ارتقت الأمم وإذا انغلب انغلبت.
ما أن يصل واحد من "الأمناء" لأذن القائد أو يخرج منهم قائد حتى تحاك ضدهم أشرس المعارك ابتداء من خدور النساء "بغية التوريث" وانتهاء بهم لانقسامهم على أنفسهم حتى يفضوا إما إلى السجن أو البيوت.
والأمم تعرف هؤلاء معرفة وثيقة و تصدّرهم مجالسها و تفرد لهم الصفحات في كتب تاريخها وتمشي في جنائزهم التي يغيب عنها قادتها.
معظم هؤلاء مغمور اليوم لا يلقى له بال مشغول بمصدر رزقه و مستقبل أولاده.
و تأثير هؤلاء "إذا وصلوا لأذن القائد" كبير يتجاوز زمانهم و مكانهم بل يخلد ذكرى القائد المنصوح. وقصة "رجاء بن حيوة" وزير سليمان بن عبد الملك الذي أشار عليه بتولية عمر بن عبد العزيز من بعده بدل "التوريث المباشر" تختزل تأثير هؤلاء الموالين الخبراء. رأي واحدهم يعمّ به الخير على الجميع لأجيال.
واليوم نستطيع أن نتعرف على القائد و شعبه فنقول: قل لي من مستشارك أقل لك من أنت.
يبقى السؤال اليوم كيف نعيد الأمناء الخبراء الموالين للأمة إلى سدة الشورى؟ ألا هل إلى خروج من سبيل؟
د. طارق أبو غزالة
كثيرة هي التفسيرات و التحليلات التي تتناول موضوع الشورى من حيث الشكل و المضمون.
وقد تغيرت أشكال الشورى في العالم مع مرور الزمان و تغير المكان فالشورى ليست حكراً على المسلمين وحدهم.
فكلُّ من ولي أمراً من أمور قوم بحاجة إلى المشاورة في كيفية إدارة أمور هؤلاء القوم بغض النظر عن الدين و العرق و اللون.
في الأزمان السالفة كان الملوك و الأباطرة أصحاب القرار ولكن كان لكل منهم مستشارين يدلون بآرائهم إذا حزَب الأمر. و نهضة الأمم هنا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأمرين:
1- حنكة القائد
2- ولاء المستشارين و خبرتهم
والمقام هنا ليس للكلام عن حنكة القائد فأحنك القادة ينهار إذا أحاط نفسه ببطانة السوء. و أنما الكلام عن ولاء المستشارين و خبرتهم ودور ذلك في نهضة الأمم.
هذا الطاقم حول الزعيم هو المتصرف فعلاً في مقدرات العباد و البلاد.
اعتماداً على هذا التقسيم -الولاء و الخبرة- ينقسم هذا الطاقم بحسب قربه و ولائه من الزعيم إلى غير الموال أي ذلك الذي لا يعتبر موالياً للحاكم و الرعية في مقابل من هو موال له وللرعية يفديه
و يفديها بالغالي و الرخيص.
وكذلك بحسب خبرته إلى غير خبير أي ذلك الذي لا يملك خبرة في أمور الحكم في مقابل الخبير
و هو المحنك في مسائل الحكم. فينقسم الملأ حسب ذلك التصنيف إلى أربعة أصناف:
1- غير الموالي غير الخبير
2- غير الموالي الخبير
3- الموالي غير الخبير
4- الموالي الخبير
هذه الأصناف هي التي تتولى أمور الشورى في الأمم.
1-غير الموالي غير الخبير (الحثالة):
هؤلاء كثر في عالم المستشارين في بلادنا وهم إنما يصلون لمنصب المستشار أو "الهامس في أذن القائد" إذا صح التعبير بكثرة الدعاية لأنفسهم والترويج الكاذب لولائهم وكثرة النفخ في القائد
و "تمسيح الجوخ" له. و يُعرف هؤلاء بكثرة الكلام تعويضاً عن نقص الخبرة و بسوء الأخلاق لقلة أمانتهم وتكبّرهم على من هم دونهم وذلّتهم أمام من هم فوقهم.
ويميّز هؤلاء أيضاً قلة تضحيتهم فهم أسرع الناس تبرؤاً من القائد عند هبوب أقلّ ريح. لا تجد مجلساً إلا تصدروه و لا وسيلة إعلامية إلا انتهزوها لينفخوا في القائد و يخادعوا الناس.
وأذى هؤلاء يتعدى إلى الخبراء الموالين من الصنف الرابع للتخلص منهم لأنهم وحدهم القادرون على كشف حقائق الأمور. وتاريخنا مليء بالوشايات المغرضة ضد هذا الصنف من الخبراء الموالين على يد غير الخبراء غير الموالين.
أما نهاية هؤلاء الحثالة فعادة ما تكون إما ثراءً فاحشاً وهرباً بالأموال إلى المنافي أو قبراً معتماً.
2-الخبير غير الموالي (التكنوقراط):
ويوجد هؤلاء أيضاً بكثرة في العالم العربي. ولا تعني عدم الموالاة هنا الغش و الخداع و لكن يعني ذلك عدم التضحية في سبيل الأمة. فالخبرة لديهم رأي يشترى بالمال أو بالمنصب أو مادون ذلك.
فالرأي سلعة لا تباع إلا بثمن و البيع لمن يدفع أكثر ولو كان منافساً للقائد المستشير.
ونفع هؤلاء مساوٍ لضررهم. فقلة الأمانة و الوازع الأخلاقي قد تدفع بهؤلاء إلى إسداء رأي خاطئ عمداً بغية مصالح خاصة ونرى هؤلاء بكثرة في الإدارات الأمريكية وخاصة إدارة الرئيس جورج بوش الابن فكثير من المستشارين خبراء في مجالاتهم ولكن تربطهم مصالح خاصة بأطراف ولوبيات متعددة تتحكم بالرأي الصادر عنهم. والأزمة المالية الخانقة خير مثال على ذلك. فالمتصدر لتلك الأزمة هناك تربطه مصالح خاصة بالبنوك التي أفلس منها حتى الآن أكثر من مائة بنك.
عادة ما ينتهي هؤلاء إلى جدران بيوتهم أو إلى زوايا السجون.
3- الموالون غير الخبراء (العائلة أو المافيا):
وهؤلاء هم قرابة القائد أو رفاق الدرب قبل وصول القائد لسدة الحكم. يصلون إلى المناصب بحكم تلك القرابة وتلك الرفقة. مصيرهم مرتبط بمصير القائد ارتباطاً مباشراً, إذا ذهب ذهبوا و إذا ارتفع ارتفعوا و إذا انخفض انخفضوا.
هؤلاء هم الكثرة الغالبة من المستشارين في العالم العربي و العالم المتخلف سياسياً لثقة القائد بهم و اعتماده عليهم و إنما يعتمد عليهم بغية الحصول على أخبار الرعية دون الحاجة لتفقدها ودون الحاجة إلى الرأي كيف يصلحها.
همّهم الأول استمرار حكم القائد "إلى الأبد" و ذريته من بعده فهم أحرص الناس على "التوريث" لا لمحبتهم بالقائد و أولاده و إنما حرصاً على استمرار تدفق نهر الثروة الجاري المنهوب من أقوات الجياع وعرق المستضعفين.
هم أظلم الناس للناس لتجذّر مكانتهم فالقائد لا يستطيع مسّهم لأن في مسّهم مس لذاته التي لا تمس.
مصيرهم كمصير القائد إما التوريث وإما المحاكمة المفضية إلى القبر أو السجن.
هذه الفئة تتحكم الآن بمقدرات الأمة وتمتلك ثروة طائلة و إعلاماً جارفاً وتتحكم بأقوات الناس
و مستقبل أبنائهم وقد تمددت هذه الفئة فأصبحت كالغيمة الكبيرة تخيم على الجميع رعدها يخيفهم و صواعق برقها تطال كل صوت معارض مهما كان خافتاً. غيمة لا تقي من شمس ولا تمطر مطراً نفعها عديم و شرها عميم.
ومع الزمن و بسبب غياب المستشارين من الصنف الرابع يكتسب المستشارون من المافيا الخبرة ثم تضخم تلك الخبرة و تنفى عمّن سواهم فتقنع الأمة بالترغيب قليلاً و بالترهيب معظم الوقت أن لا بديل عن الوريث المنتظر.
وينضم إلى الوريث هنا ورثة المافيا و المستشارون من الصنف الأول (الحثالة) و من الصنف الثاني التكنوقراط للنهوض بأعباء الأمة و الخروج بها من النفق المظلم إلى عصور التنوير ومحاسبة المقصرين و الأخذ عليهم بيد من حديد. ولا أحد يجرؤ على السؤال: ولكن من زج بنا في هذا النفق المظلم؟
فطبول الإعلام أقوى من أي صوت و لا صوت يعلو على صوت "الوريث" وتجرد الأمة من حقها في الاطلاع على أي برنامج انتخابي لأي فرد منها. أما من يتجرؤ و ويقول كما قال يوسف للملك "اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم" فيعاد إلى السجن. ولنتخيل مصر زمن يوسف دون يوسف! بل لا نتخيل فالأمر لا يحتاج إلى تخيل. كل ما يحتاج هو أن ننظر من حولنا!
وليس القصد هنا الإيحاء أن الأمر يحتاج إلى نبي للخروج من النفق. لا, فزمن الأنبياء انتهى ولكن القصد هو التنبيه أن الخروج من النفق المظلم يحتاج إلى الأمناء من الصنف الرابع.
ولعل المثال المعاصر لنا هو النموذج التركي. والحمد لله أننا لم نسمع إلى الآن عن وريث رجب طيب أردوغان أو عبد الله غل.
4-الخبراء الموالون (الأمناء):
وهؤلاء قلة في العالم العربي و لكن ليسوا بالندرة. وإنما ندرتهم في ندرة وصولهم لأذن القائد لأن الأصناف الثلاث الأولى تعمل جاهدة على إقصائهم من كل مكان. و للحقيقة فحضارة الأمم هي نتاج العلاقة بين هؤلاء الأصناف الثلاثة الأولى مع هذا الصنف الرابع. فإذا تغلب هذا الصنف الرابع ارتقت الأمم وإذا انغلب انغلبت.
ما أن يصل واحد من "الأمناء" لأذن القائد أو يخرج منهم قائد حتى تحاك ضدهم أشرس المعارك ابتداء من خدور النساء "بغية التوريث" وانتهاء بهم لانقسامهم على أنفسهم حتى يفضوا إما إلى السجن أو البيوت.
والأمم تعرف هؤلاء معرفة وثيقة و تصدّرهم مجالسها و تفرد لهم الصفحات في كتب تاريخها وتمشي في جنائزهم التي يغيب عنها قادتها.
معظم هؤلاء مغمور اليوم لا يلقى له بال مشغول بمصدر رزقه و مستقبل أولاده.
و تأثير هؤلاء "إذا وصلوا لأذن القائد" كبير يتجاوز زمانهم و مكانهم بل يخلد ذكرى القائد المنصوح. وقصة "رجاء بن حيوة" وزير سليمان بن عبد الملك الذي أشار عليه بتولية عمر بن عبد العزيز من بعده بدل "التوريث المباشر" تختزل تأثير هؤلاء الموالين الخبراء. رأي واحدهم يعمّ به الخير على الجميع لأجيال.
واليوم نستطيع أن نتعرف على القائد و شعبه فنقول: قل لي من مستشارك أقل لك من أنت.
يبقى السؤال اليوم كيف نعيد الأمناء الخبراء الموالين للأمة إلى سدة الشورى؟ ألا هل إلى خروج من سبيل؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق