الاثنين، 11 أكتوبر 2010

عزل خالد و تأمير أبي عبيدة

من وحي اللحظة

عزل خالد و تأمير أبي عبيدة

كثير من المسلمين يظن أنه عندما عزل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد عن قيادة جيوش المسلمين و أمّر عليه أبا عبيدة بن الجراح فإن خالداً عاد جندياً عادياً من الجنود. وفي هذا غمط كبير للوقائع و الحقوق.
ولننظر لحظة إلى الوضع قبل العزل فإن خالداً كان القائد ولكن لم يكن أبا عبيدة جنديا عاديا من الجنود بل كان في قيادة الجيش معينا لخالد على اتخاذ القرار بل و لعل كثيرا من القرارات التي اتخذها خالد كانت بناء على توصيات أبي عبيدة.
ولعلنا نتصور الشكل التالي. قبل العزل: خالد القائد العام للجيش و قادته يتفقدون الجيش أما بعد العزل فالصورة مختلفة قليلاً فنرى أبا عبيدة قائدا وقادته يتفقدون الجيش. والأمر الطبيعي أن يكون خالد من هؤلاء القادة يمشي عن يمين أبي عبيدة.
إذا فالأمر ليس بالأشخاص ولكن في الآليات و الكيفية التي تتخذ بها القرارات في ميادين العمل ثم تطبيقها وهذه الآليات لم تتأثر بتغيير عمر لخالد.
من يقرأ الواقع العالمي في ذلك الزمان يجد أن قادة الجيوش يمتلكون سلطة مطلقة كثيرا ما تهدد الدولة نفسها و قد يحدث التفاف من هؤلاء القادة و يعودون بالجيش الجرار إلى العاصمة
و يطيحون بالحكم و في هذا سلبيتان:
الأولى: إلهاء الجيش عن مهمته الأولى في حماية العباد و البلاد.
ثانيها: تقويض سلطة الدولة المدنية و إرجاع الدولة للوراء عقودا من الزمن.
إذاً كان يتوقع من خالد أن يعود بالجيش و يقوض الدولة. ولكنه لم يفعل بسبب ما لعله فهمه لمقتضيات المرحلة التي يعيش فيها و هي أن هذا الجيش جيش ذو هدف سامٍ و هو تحرير الشعوب من سلطة حكامها كي تختار بحرية ما تريد و بعد ذلك فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر.
و يبقى السؤال إن إنجازات خالد في ميدان الحرب كانت يجب أن تكافأ بترقيته مستشاراً لعمر
و ليس عزله عن القيادة. فلماذا حدث ذلك؟
إن العزل كان هدفه تثبيت إحدى مقومات دولة الإسلام الأولى وهي توحيد الله.

و التوحيد كان ناصعاً جلياً في أذهان الجنود الذين دخلوا في الإسلام في بداياته أي جنود الجيل الأول, ولكن مع مرور الزمن ودخول الناس أفواجاً إلى الإسلام ربما توهم الجنود الذي هزمهم خالد للتو أن خالداً لا يهزم و بالتالي تصبح صورته في أذهانهم أسطورية و يكون الدخول الأول لأولئك الجند المهزومين إلى الإسلام مبنيا على انحراف و لو بسيط و لكن تأثيرذلك الانحراف مع الزمن كبير فيحدث تقديس الأفراد عند الجندي الجديد منذ اللحظة الأولى لدخوله الإسلام و هو عكس المقصد الإلهي من نفي تقديس العباد للعباد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق