الاثنين، 11 أكتوبر 2010

موعظة إلى نفسي,موعظة إلى طبيب

موعظة إلى نفسي,موعظة إلى طبيب

د. طارق أبو غزالة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله,

إعلم يا ابن آدم أن كل سعيك في دنياك ليوم وساعة.

أما الساعة فهي ساعة الرحيل و الانتقال لذي القوة الجليل.

و أما اليوم فهو اليوم الطويل يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
و أما الزاد لتلك الرحلة فليس إلا العمل في دنياك.
و ليس يقبل من ذلك العمل إلا ما بقي منه لله صافيا وأما ما شابه شائب فاعلم أنك تاركه في الدنيا خلفك.

واعلم أن الميزان في ذلك اليوم الطويل هو ميزان لا كالموازين بل هو ميزان المعايير الربانية يوم تزن بطاقة أكثر من سعي عمر ويزن حسن الخلق أمثال الجبال و توزن فيه خائنة الأعين ويوزن فيه السر و أخفى وتوزن فيه نيات القلوب, وتوزن فيه دعوة المظلوم على الظالم ولو حكم القضاة للظالم في الدنيا و توزن فيه دعوة المريض على الطبيب إن أساء ويدعى للشهادة يده ولسانه وسمعه وبصره ورجله.

واعلم أن ميزان ذلك اليوم ميزان الجبار المتكبر لا يوزن فيه لمتكبر.

فمتكبر الدنيا ذليل الآخرة.

وغني الدنيا فقير الآخرة لا يغني عنه ماله إذا تردى.

ومعرض الدنيا أعمى الأخرة منسيُّ الذكر وللآخرين عبرة.

واعلم أيها الطبيب أن الله نصير مرضاك فهو الذي امتحنهم بالمرض وهو المخفف عنهم في الدنيا و هو الذي يجزيهم في الأخرة لصبرهم على المرض.
وقد وضعك الله في موضع السبب لهذا الشفاء وليس في موضع مسبب الشفاء.
فلا يغرنك علمك ولا مالك ولا جاهك وأنت تجتهد في العلاج فلعل اجتهادك أن يعمي عليك ولعل طبك أن يخذلك فلا ينفع وأن يخفضك فلا يرفع.

واعلم يا من التحقت بسفينة أن القوم لما ركبوا السفينة صار كل واحد منهم في موضع الخطر لعله يقوم بالعمل إن لم يؤخذ عليه بأيدي الباقين أغرق السفينة فهلك و أهلكهم.

وأعلم أن القوم لما ركبوا السفينة صار لكل منهم حق على الربان أن يعدل إذا نظر. فإن لم يفعل لم يغن عن جمعهم حكمته ومكانته.
واعلم أن القوم لما ركبوا السفينة صار للربان حق على راكبيها النصح و المشورة.
واعلم أن القوم لما ركبوا السفينة صار على الجميع حق التفكير في مآلها و عدم الانشغال بجمالها.
فإن العبرة بما تؤول إليه الأمور من بدايتها فمن صلحت بدايته صلحت نهايته. ومن سار على الدرب وصل والدرب مرسوم لا يضل عنه إلا هالك.

واعلم أن المعاملة دليل الأخلاق. وأن الميزان الرباني شديد الحساسية لهما وأن أحاسن الناس أخلاقا أقربهم في ذلك اليوم من المصطفى صلى الله عليه وسلم منازلا.

وليس الخاسر يوم ذاك إلا الذي أتاه الخبر في الدنيا فأعرض عنه و نسي ما قدمت يداه ولكن الديّان أحصاه.

وصدق رسول الله: البر لا يبلى والإثم لا يُنسى والديان لا يموت فكن كما شئت كما تدين تدان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق